كأنهم لم يكتفوا بمعاناة المواطن العادى، فقرروا أن يخففوا عنه بعرض مسرحى ساخر مستمر، فالحكومة تعلن كل عدة أشهر أنها بصدد إصدار قوانين لملاحقة رموز النظام السابق ومنعهم من العمل السياسى، تتبعها أحكام شبه يومية ببراءات لمحسوبين على نظام مبارك.
بدأت المرحلة الانتقالية بمشروع قانون الغدر، الذى أقرته حكومة عصام شرف فى أكتوبر 2011، ومن بعده توالت مشروعات لقوانين تسير على نفس النهج، فطرح مصطفى النجار، نائب مجلس الشعب السابق، مشروع قانون «العدالة الثورية»، الذى يستهدف إعادة محاكمة رموز النظام السابق على الجرائم السياسية، ثم طرحت حكومة «قنديل» مشروع قانون «حماية الثورة»، ومن بعدها طرحت لجنة تقصى الحقائق التى شكلها الرئيس مشروع قانون باسم «العدالة الانتقالية الثورية»، الذى يقضى بمحاكمة كل من ارتكب جريمة فى ظل النظام السابق من نوفمبر 1981 وحتى 2012.
«خارج على الشرعية السياسية والقانونية»، وصف أطلقه د. نبيل عبدالفتاح، مدير مركز الأهرام الاستراتيجى، على استمرار صدور مشروعات قوانين لمحاكمة رموز النظام السابق، معتبراً أن الأمر مخالف للشرعية الدستورية التى طالما دافع عنها الإخوان المسلمون، والرئيس محمد مرسى، وكانت السلاح الذى يواجهون به معارضيهم.
وتساءل «عبدالفتاح» مستنكراً كيف تتم إعادة محاكمة المتهمين، فى قضايا ثبت فيها براءتهم سابقاً؟ إلا إذا كان الأمر كله مسرحية قانونية من السلطة التنفيذية لتنفيذ أهوائهم السياسية.
ورفض «عبدالفتاح» تبريرات القادمين الجدد فى السلطة بأن إصدارهم مثل هذه المشروعات القانونية من شأنه إعادة هيبة الدولة: «على السلطة الحاكمة إدراك أنها ليست سلطة ثورية، وأن عليها احترام جميع الأحكام القضائية، سواء جاءت على هواها أم لا، وأى فعل خلاف ذلك هو خروج سافر على قاعدة دولة القانون، وعلى استقلال القضاء».
«نحن نفعل ذلك من أجل كل امرأة مصرية توفى أخوها أو زوجها أو ابنها فى الثورة، وتريد أن تأخذ حقه»، هو ما رد به د. مصطفى الغنيمى، عضو مكتب الإرشاد، على فكرة استمرار إصدار مثل هذه القوانين، مؤكداً أن القضاء أضاع حق هؤلاء الناس بالكم المهول من البراءات التى أصدرها، فهو قضاء معارض للدولة، وينتمى فكرياً للنظام السابق.